السلام عليكم ورحمة الله
أين نحن من هؤلاء
محمد بن المنكدر
وقال أبو القاسم اللالكائي : كان المنكدر خال عائشة ، فشكا إليها الحاجة ، فقالت : إن لي شيئا يأتيني ، أبعث به إليك فجاءتها عشرة آلاف ، فبعثت بها إليه ، فاشترى جارية ، فولدت له محمدا ، وأبا بكر ، وعمر .
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي : حدثنا يحيى بن الفضل الأنيسي ، سمعت بعض من يذكر عن محمد بن المنكدر ، أنه بينا هو ذات ليلة قائم يصلي إذ استبكى ، فكثر بكاؤه حتى فزع له أهله ، وسألوه ، فاستعجم عليهم ، وتمادى في البكاء ، فأرسلوا إلى أبي حازم فجاء إليه ، فقال : ما الذي أبكاك ؟ قال : مرت بي آية ، قال : وما هي ؟ قال :( وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) فبكى أبو حازم معه ، فاشتد بكاؤهما .
وقال الحميدي : حدثنا سفيان ، قال : كان ابن المنكدر يقول : كم من عين ساهرة في رزقي في ظلمات البر والبحر . وكان إذا بكى ، مسح وجهه ولحيته من دموعه ، ويقول : بلغني أن النار لا تأكل موضعا مسته الدموع .
وقال سهل بن محمود : حدثنا سفيان ، قال : تعبد ابن المنكدر وهو غلام ، وكانوا أهل بيت عبادة . قال يحيى بن بكير : محمد ، وأبو بكر ، وعمر لا يدرى أيهم أفضل ؟ .
قال سعيد بن عامر : قال ابن المنكدر : إني لأدخل في الليل فيهولني ، فأصبح حين أصبح وما قضيت منه أربي .
ويروى أنه حج ، فوهب كل ما معه حتى بقي في إزار ، فلما نزل بالروحاء ، قال وكيله : ما بقي معنا درهم ، فرفع صوته بالتلبية ، فلبى أصحابه ، ولبى الناس ، وبالماء محمد بن هشام ، فقال : إني أظن محمد بن المنكدر بالماء ، فنظروا ، فقالوا : نعم . قال : ما أظن معه شيئا ، احملوا إليه أربعة آلاف ، فأتي محمد بها .
وقال ابن عيينة : تبع ابن المنكدر جنازة سفيه ، فعوتب ، فقال : والله إني لأستحيي من الله أن أرى رحمته عجزت عن أحد .
حدثنا خالد بن عبد الله اليمامي ، قال : استودع محمد بن المنكدر وديعة فاحتاج فأنفقها . فجاء صاحبها فطلبها ، فتوضأ وصلى ودعا ، فقال : يا ساد الهواء بالسماء ، ويا كابس الأرض على الماء ، ويا واحد قبل كل أحد وبعد كل أحد ، أدعني أمانتي ، فسمع قائلا يقول : خذ هذه فأد بها عن أمانتك ، واقصر في الخطبة ، فإنك لن تراني . رواها ابن أبي الدنيا عن سويد ، وقيل : كانت مائة دينار .
قال : فإذا بصرة في نعله ، فأداها إلى صاحبها .
قال الواقدي : فأصحابنا يتحدثون أن الذي وضعها عامر بن عبد الله بن الزبير ، كان كثيرا ما يفعل مثل هذا .
كان محمد بن المنكدر باراً بأمه، فكان يضع خده بالأرض ثم يقول لأمه قومي ضعي قدمك على خدي، وقال: بات عمر يعني أخاه يصلي وبت أغمز رجل أمي وما أحب أن ليلتي بليلته.
كان لمحمد بن المنكدر أثرًا بينًا في تربية الآخرين فعن ابن الماجشون قال: إن رؤية محمد بن المنكدر لتنفعني في ديني، وقال مالك: كنت إذا وجدت من قلبي قسوة آتى ابن المنكدر فأنظر إليه نظرة فأبغض نفسي أيامًا.
ورأى محمد بن المنكدر رجلاً واقفًا مع امرأة يكلمها فقال: إن الله يراكما سترنا الله وإياكما.
من كلماته:
قال محمد بن المنكدر: أرأيت لو أن رجلا صام الدهر لا يفطر وقام الليل لا ينام وتصدق بماله وجاهد في سبيل الله واجتنب محارم الله، غير أنه يؤتى به يوم القيامة فيقال: إن هذا عظم في عينه ما صغره الله، وصغر في عينه ما عظمه الله، كيف ترى يكون حاله؟ فمن منا ليس هكذا؟ الدنيا عظيمة عنده مع ما اقترفنا من الذنوب والخطايا.
قيل لمحمد بن المنكدر: أي العمل أحب إليك؟ قال: إدخال السرور على المؤمن. قيل: فما بقي مما يستلذ؟ قال: الإفضال على الإخوان.
مناقبه وما قيل فيه:
قال ابن وهب: حدثني ابن زيد قال: خرج ناس غزاة في الصائفة فيهم محمد بن المنكدر، فبينا هم يسيرون في الساقة إذ قال رجل منهم: اشتهي جبنًا رطبًا فقال محمد: فاستطعم الله فإنه قادر فدعا القوم فلم يسيروا إلا شيئًا حتى وجدوا مكتلاً مخيطًا، فإذا هو جبن طري رطب، فقال بعضهم: لو كان هذا عسلاً، قال: الذي أطعمكموه قادر، فدعوا الله فساروا قليلاً فوجدوا فرق عسل على الطريق، فنزلوا وأكلوا الجبن والعسل.
وقال ابن عيينة: كان ابن المنكدر من معادن الصدق يجتمع إليه الصالحون.
وعن مالك قال: كان محمد سيد القراء لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا كاد أن يبكي.
_______
منقـــــــول
مواقع النشر (المفضلة)