لم يكن إعدامُ صدام حسين في فجر اليوم الأول من أيام عيد الأضحى المبارك والذي تم ُقبيل " لحظات " من صلاة العيد في ( معسكر العدالة ) لم يكن مصادفة ً بالتأكيد .. بل كان محسوباً بدقةٍ أمريكية و بحسبِ التاريخ الهجري، حتى يتوافق مع العيد الأضحى عند المسلمين .
فتزامناً مع شعائر ( ومشاعر ) المسلمين في هذا الشهر وخصوصاً في هذه الأيام المباركة حيث يبتهل فيها المسلمون إلى ربهم شكراً وحمداً .. حجاجاً للبيتِ العتيق ، وناحرين ما أباحَ اللهُ لهم من بهائمِ الأنعام .. أبت " أمريكا " إلا إن تقدم عيديتها للمسلمين .. – و" أمريكا " لمن لا يعرفها سباقة في هذا المجال - .. فبعد مَشَاهد طويلة ورتيبة من المسرحية الدراماتيكية الشهيرة ( محاكمة صدام ) والتي طالت أياماً وشهوراً وفصولاً ، ظلت تراوح مكانها .. جاء البت فيها أخيراً بإعدام صدام حسين شنقاً حتى الموت .. كان هذا القرار قبل خمسةٍ وخمسون يوماً من تاريخ كتابة هذا الموضوع .. وقبل أن يصدق الحكم من محكمة التمييز العراقية يوم الثلاثاء الماضي .. وقبل أن يرفض القاضي الأميركي " كولين كولار كوتيلي " التحرك الذي قام به عدداً من المحامين لتأجيل حكم الإعدام بحق الرئيس العراق السابق .. فالتوقيت مهمٌ جداً .. وإلا فكيف سيتقبل المسلمون ( بنفس طيبة أو رغماً عن أنوفهم في كل الأحوال ) هذه العيدية إن جأت في غير وقتٍ موعود ؟..
صدام حسين في الحالتين - المحاكمة ، والإعدام - كان ( الكبش الأضحية ) حقاً ! .. فـ ( مسرحية المحاكمة ) والتي جأت أصلاً لتبرير قرار الغزو الأمريكي بعد اندحار كذبتهم بوجود الأسلحة الكيماوية والجرثومية ، كانت - المسرحية - بمثابة المبرر الأخير الذي لجأ له الأمريكيون لتبرير قرار شن الحرب .. ثم إن هذه ( المسرحية ) - ومن خلال قرأتنا لسياق هذه الأحداث " الصدامية " المتسلسلة - جأت بغية ( تسمين ) هذه الأضحية حتى تصبح ملائمة لأن تكون ( عيدية معتبرة للمسلمين ) فكنا نعايش وقائعها المضحكة المبكية والتي تتضمن ( إعادة سرد جرائم صدام التي نعرفها ) يوماً بعد يوم .. وبعد أن ( انتفخت ) و ( سمنت ) هذه الأضحية بما فيه الكفاية .. بقي الجزء الأخير .. وهو اختيار الوقت الملائم لتقديم هذه العيدية ( أقصد إعدام صدام حسين) .. وأي وقتٍ أنسب لتقديمها للمسلمين من العيد الأضحى ؟! .. ولم لا نجعل عملية الإعدام ( العيدية ) تأتي في ( توقيت غير تقليدي ) .. حسناً .. فلندللهم قيلاً ، سنجعلها حين يكبر المصلون تكبيرات صلاة العيد الأضحى والتي ستتردد خافقة في السماء من مآذن بغداد ! ..
ضحكوا علينا وقالوا أسلحة جرثومية تهدد العالم بالفناء ، يجلس عليها هذا الطاغية المدعو صدام ، فلما لم يجدوها .. رأوا أن يضحكوا علينا بالمحاكمة ( المسرحية ) الشهيرة لهذا الطاغية وقالوا ( عدلٌ يأخذ ُ مجراه .. ولما وجدوا أن هذا ( العدل ) قد أخذ مجراه كما يريدون .. قرروا حينها أن يطبخون ، فطبخوا ، وطبخوا .. ولم يتوقفوا يطبخون .. حتى حانت الطبخة كما كانوا يشاءون .. فشنقوا صدام حتى الموت ، لكي نردد : إنها حلوى العيد .. يامسلمون .
ليس هذا الموضوع المتهالك نعياً في صدام وأعوانه ، ولا بجلدٍ للذات .. لا والله .. بل هو حشرجةُ قلبٍ باكٍ على حال هذه الأمة التي لم يكتف الطامعون بها بأن يمتصوا خيراتها .. بل راحوا بشعائرها يسخرون ..
فويحاً على المسلمين .. أما كانوا حتى يشعرون ؟..
__________________
يـــومَ شُـــنِـــقَ صـــــدام
مواقع النشر (المفضلة)