بسم الله الرحمن الرحيم
في قلب الإنسان بواعث عدة ، هي : الإرادة ، والعزم ، والنية ، والقصد ؛ سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبها : (( همَّاماً )) ؛ والجوارح هي الأدوات التي تنفذ تلك الأمور في حركات ظاهرة ، هي : العمل ؛ سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبها : (( حارثاً )) . ومن هذين العنصرين الأساسين يتكون عمل الإنسان ، ولهذا جاء الشرع ليوجه إرادته ، وتنفيذه لها ، حتى يكون عمله صالحاً مقبولاً .
وبِهذا يتبيّن أنَّ العمل لا بدَّ أن يتوافر فيه هذان الشرطان حتى يكون عملاً مقبولاً عند الله تعالى :
فأمَّا الشرط الأول : فهو إخلاص القصد لله تعالى ، وهو إفراد الحقِّ سبحانه وتعالى بالقصد في الطاعة ؛ قال الله تعالى:- ]فاعبدِ اللهَ مخلصاً له الدين * ألاَّ للهِ الدينُ الخالص [ قال الحافظ ابن كثير الشافعي – رحمه الله تعالى - : " أي لا يقبل اللهُ من العمل ، إلاَّ ما أَخلصَ فيه العاملُ للهِ وحده لا شريك له . "
وقال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم : (( إنَّما الأعمال بالنيات ، وإنَّما لكلِّ امرئ ما نوى . )) قال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - : " حظ العامل من عمله نيته … لا يحصل له من عمله إلا ما نواه به . "
والشرط الثاني : الموافقة للشرع ، فلا بدَّ من متابعة رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ، وعدم الخروج عن سنته حتى يكون العمل صالحاً ؛ قال الله تعالى:-]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ . )) رواه مسلم .
وقال الله تعالى جامعاً هذين الشرطين في هذه الآية ]فمن كان يرجوا لقاء ربِّه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشركْ بعبادةِ ربِّه أحداً [ قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى - : " وهذان ركنا العمل المتقبل : لا بدَّ أن يكون خالصاً لله ، صواباً على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم . "
وقرأ الإمام الفضيل بن عياض – رحمه الله – قوله تعالى:- ((ليبلوكم أَيُّكُمْ أَحسنُ عَمَلاً)) فقال : أخلصه وأصوبه ؛ قالوا : ما أخلصه وأصوبه ؟ قال : إذا كان العمل خالصاً ولم يكن صواباً ، لم يُقبل ، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً ، لم يُقبل ، حتى يكون خالصاً صواباً ؛ والخالص : إذا كان لله عز وجل، والصواب : إذا كان على السنة .
اللهم وفقنا لتحقيق ذلك في جميع أعمالنا ، وتقبلها منَّا ، آمين.
و فقني الله و إياكم لما يرضاه
و الله و لي التوفيق
مواقع النشر (المفضلة)