+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    50
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7059

    افتراضي من أدب الجدال والمناظرة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ * قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سبأ: 24 - 27].

    إنَّ الهدف من الجدال والمناظرة هو مُخاطبة العقول لتدبُّر أمرٍ ما؛ لتهتدي فيه إلى الصواب، وقضية الألوهية من القضايا الكبرى التي جادل فيها المشركون، ومع ذلك فإنَّ القرآن الكريم أرشدَ المسلمين إلى الأخذ فيها بأسبابِ الإقناع والمناظرة، والمجادلة بالتي هي أحسن؛ لأنَّ الهدف هو إقناعُ المحاوَر؛ لعله يهتدي إلى الصواب وَفْق آدابٍ وضوابطَ ينبغي مُراعاتها.


    ومن تلكم الآداب أو الضَّوابط التي أرشد إليها هذا النص الكريم:
    الانطلاق من نقاط الاتِّفاق؛ فإنَّ ذلك أدعى للاستماع؛ لما يشعر به من الاشتراك، وهو تضييقٌ للاختلاف، وهوة الاختلاف كلما اتَّسعت، صعبَ الوصول للاتِّفاق، ألاَ ترى المؤتمرات الحوارية تعقد، فيكون من النَّتائج أحيانًا الوصول إلى تقارُب في وجهات النظر، وإن لم يحصل اتِّفاق؟ فكيف بالانطلاق من وحدة اتِّفاق وجهات النظر؛ {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ} [سبأ: 24]؟! إن كون الرازق هو الله أمرٌ لا يُجادل فيه المحاوَرون، وقد سجل عليهم القرآن الاعتراف به؛ كما في قوله - تعالى -: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} [يونس: 31]، ولما كان المخاطب مقرًّا بهذا الأمر، لم يكن الهدف من الاستفهام أن يُجيب، بل الهدف أن يعرف أن المحاوِر يسلِّم بهذا الأمر كذلك، وهو مما يتَّفق فيه مع الخصم، فأُمِر بالتصريح به؛ {قُلِ اللَّهُ}.

    الابتعاد عن الجزم بصواب رأيك وخطأ رأي خصمِك، وذلك – والله - غاية الإنصاف، فلا تقلْ لخصمك: استمع لأُبيِّن لك صوابي وخطأك، بل قل له: أحدنا على صواب، والآخر على خطأ، فتعالَ بنا نتحاور؛ لنعرف أينا المصيب فنسلك سبيله؛ {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24]، فنحن وأنتم أحدنا على هدى والآخر في ضلال مبين، فأيُّنا المهتدي، وأينا الضال؟

    وقد تمثل الإمام الشافعي - رحمه الله - هذا الأدب الرفيع، فكان يقول: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي خصمي خطأ يحتمل الصواب، وما ناظرت أحدًا إلا أحببت أن يكون الصواب على لسانه".

    إنَّ الهدف من الحوار هو الوصول إلى الحق، لا الانتصار للنفس وشهوة الظهور والغلبة؛ فإنَّ الغلبة في قراع العقول للأَقوى حجةً وبرهانًا.

    عدم تجريم الخصم ووصف مَذهبه بالبطلان، وإن اعتقدت جُرمه وبُطلان مذهبه؛ لأنَّ الهدف إقناعه، لا الحكم على مذهبه، بل يجب التنزُّل معه؛ لاحتمال أن تكون أنت المبطل وهو المحق، فإنَّ ذلك يسلُّ سخيمة صدره، ويفتح ذهنه وقريحته للاستدلال لمذهبه والاستماع لأدلتك، وإذا جهد في نصر مذهبه، وإبطال مذهبك فلم يفلح، لم يكن أمامه إلاَّ الإذعان والتسليم لك إنْ ظهرت حجتك على حجته، وذلك غاية ما ترجو؛ {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [سبأ: 25]، فوصف مذهبنا بالجرم تنزُّلاً، ومذهب الخصم بالعمل؛ مما يشعر بأنه يَحتاج إلى مُناقشة للحكم عليه بوصفٍ مناسب جرمًا كان أم هُدى، ووصفه بالجرم أو الهدى مَتروك لنتيجة المجادلة والمحاورة، لا مسلمة يُبتدأ بها.

    إشعار الخصم بأهمية موضوع المحاورة وخطره، وأنَّه من المواضع المهمة، وليس أمرًا لا عمل تحته، بل هو عمل له ما بعده، ويتحمَّل صاحبه مسؤولية قراره، فهو الهدى أو الضلال، والصلاح أو الإجرام، وكلٌّ سيحاسب على قناعته والعمل بمقتضاها؛ {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 24 - 26].

    فسح المجال للمحاوَر والمجادَل ليقولَ كلَّ ما عنده، والاستماع له بكلِّ هدوء وحسن إنصات، ففي ذلك الإنصاف له، ولعلَّه أن يأتي بما يقنع إن كان مذهبه هو الصواب، أو لعلك تقعُ منه على مكمن الشبهة، فتضع يدك على موضع الدَّاء، فتستخرجه من أقرب وجه، فإنَّ المُناظِر الذي يَحرص على الإقناع، كالطبيب يفسح المجال للمريض ليتكلم عن حالته بكل تفاصيلها؛ لعلَّه يصل إلى مكمن الداء وموضعه وتاريخه، ولذلك أثرُه في التشخيص والعلاج، ولو لم يكن فيه إلاَّ إقناع المريض بأنَّ الطبيبَ قد عرف حالته، لكان كافيًا، وإن عرف الطبيب حالته من غير طريق حديثه عنها، فإن نفس المريض تكون أكثر راحة كلما تحدث عن مرضه بكل تفاصيله، والطبيب الحاذق يدرك ذلك ويقدر مكانته وأثره في نفسية المريض، فرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يكن يشك في أنه المهتدي، وأنَّ عبدةَ الأوثان هم الضَّالون، ولم يكن يشك في أنَّ الجرم وصف لمن عبد مع الله غيره، لكنه التنزل مع الخصم؛ ليسلس قياده، ومن ثم طلب منهم الحديث عن مذهبهم بكل ما أوتوا من حجة؛ {قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ} [سبأ: 27]، أروني بكل ما أوتيتم من جدل وحسن تقرير، فإنِّي مُصغٍ لحججكم، فإنْ عجزتم فتعالوا إلى لازم ما اعترفت به وإيَّاكم من إفراد الله بالرزق والرُّبوبية والقُدرة المطلقة، فليكن هو المعبود وحده، فليس من الإنصاف أن يرزق ويخلق وينعم ويكون القادر قدرة مطلقة، ويعبد غيره، بل هو المعبود لإحسانه وإنعامه وجلاله وكماله، وفي التعبير بالإلحاق - {أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ} - ما يدل على أن الألوهية وصف للأصنام لا تستحقه لذاتها، بل هو ادِّعاء لم تقيموا عليه برهانًا، والأسماء لا تغير الحقائق، فالخمر خمر ولو سميت لبنًا.

    الاهتمام بالمحفزات الذهنية، فأسلوب الاستثارة والتحفيز الذِّهني من شأنه أن يخرج ما عند المحاوَر من حجج وبراهين، ومن أساليب التحفيز الذهني الاستفهام، وقد جاء في هذا المقطع على وجازته في مَوضعين؛ {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [سبأ: 24]، {قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ} [سبأ: 27].

    الوصول إلى نتيجة أنَّ الهدف من المحاورة والمجادلة والمناظرة إنَّما هو الوصول إلى نتيجة، وليس الحوار هدفًا لذاته، فما لم تكن للحوار نتيجة، فهو مضيعة للوقت، ومَجلبة للتنافر والتدابر والفرقة، والنَّتيجة هنا: بُطلان الشرك، وتقرير الألوهية؛ {قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ} [سبأ: 27]، فلم يجيبوا، فلم يبقَ إلا أن يقتنعوا، أو يسجل عليهم الاعتراف بالعجز، فكانت النتيجةُ: {كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سبأ: 27].


    د. محمد ولد سيدي عبدالقادر

     
  2. #2
    ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو عيسى
    تاريخ التسجيل
    08 / 11 / 2007
    الدولة
    ليبيا - بنغازى
    العمر
    58
    المشاركات
    3,311
    معدل تقييم المستوى
    5907

    افتراضي















     
  3. #3
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    50
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7059

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عيسى مشاهدة المشاركة















    شكرا لمرورك العطر على مشاركتي أخي الفاضل ابو عيسى

     
  4. #4
    صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute الصورة الرمزية صناع الحياة
    تاريخ التسجيل
    09 / 06 / 2005
    الدولة
    مصر
    العمر
    51
    المشاركات
    21,349
    معدل تقييم المستوى
    26549

    افتراضي

    بارك الله فيك وجزاك كل الخير على طرحك المفيد
    مع الشكر والتقدير

     
  5. #5
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    50
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7059

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صناع الحياة مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك وجزاك كل الخير على طرحك المفيد
    مع الشكر والتقدير
    شكرا لمرورك العطر على مشاركتي أخي الفاضل صناع الحياة

     

 
+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك