+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 7
  1. #1
    الإدارة
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    50
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7051

    افتراضي التربية عن طريق أسلوب الثواب والعقاب

    فَطَرَ الله الإنسان على حبِّ المثوبة، وما فيها من لذَّة ونعيم؛ فإنه يَرْغَب في ذلك ويعمل من أجل تحقيقه، كما فطره - أيضًا - على بُغض العقاب، وما يَتَرَتَّب عليه من أَلَم وشقاء، فإنه يرهبه وينفر منه.

    ولهذا عُنِي القرآن الكريم والسنة النبوية بالترغيب والترهيب، كأسلوب مهمٍّ من أساليب التربية.

    والترغيب: وعْد يصحبه تحبيب وإغراء بمصلحة أو لذة أو متعة آجلة، مؤكدة، خيِّرة، خالصة من الشوائب، مقابل القيام بعَمَل صالح، أو الامتناع عن لذَّة ضارة أو عمل سيئ؛ ابتغاءَ مرْضاة الله، وذلك رحمة من الله بعبادِه.

    والترهيب: وعيد وتهديد بعقوبة تترتَّب على اقتراف إثْم أو ذنب، مما نهى الله عنه، أو على التهاون في أداء فريضة مما أمَرَ الله به، أو هو تهديد من الله يقصد به تخويف عباده، وإظهار صفة من صفات الجبروت والعظمة الإلهية؛ ليكونوا دائمًا على حذر منَ ارتكاب الهَفَوات والمعاصي
    [1].

    ويمتاز أُسلوب الترغيب والترْهيب في القرآن الكريم والسنة النبوية، عن غَيْره من أساليب الثواب والعقاب في المناهج التربويَّة الأخرى - بأنه يعتمد على الإقناع والبرهان، ويكون مصحوبًا بتصوير فنيٍّ رائع للثواب المرغَّب فيه، المتمَثِّل في الجنة، وكذلك للعقاب المنتظر، المتمثل في جهنم - أعاذنا الله منها –كما يعتمد الترغيب والترهيب في القرآن والسنة - أيضًا - على إثارة الانفعالات وتربية العواطف الربانية؛ كعاطفة الخوف من الله تعالى، والتذلُّل والخشوع له – سبحانه - والطَّمَع في رحمته، والأَمَل في ثوابه
    [2].

    ومن أساليب الثواب والعقاب التي يُمكن أن تستنبط منَ السنة النبوية ما يلي:
    أولاً: من أساليب الثواب:


    1- القُبلة:
    تُعَدُّ القُبلة للطفل الصغير أسلوبًا مهمًّا من أساليب الإثابة؛ وذلك لأنَّ للقُبلة دورًا فعَّالاً في تحريك مشاعر الطفل وعاطفته، كما أن لها دورًا كبيرًا في تسكين ثَوَرانه وغضبه، بالإضافة إلى الشعور بالارتباط الوثيق في تشييد علاقة الحب بين الكبير والصغير، وهي دليلُ رحمة القلب والفؤاد بهذا الطفل الناشئ، وهي برهان على تواضُع الكبير للصغير، وهي النور الساطع الذي يبهر فؤاد الطفل، ويشرح نفسه، ويزيد من تفاعله مع مَنْ حوله، ثم هي أولاً وأخيرًا السُّنة الثابتة عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - مع الأطفال.

    أخرج البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قَدِم ناس من الأعراب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أتُقَبِّلون صبيانكم؟ فقال: ((نعم))، قالوا: لكنا والله لا نُقَبِّل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أَوَأَمْلِك إن كان الله نزع من قلوبكم الرحمة؟!))
    [3].

    2- إدخال السرور على الطفل بمُداعبته ومُمازحته:


    إحساس الفرح والسرور يلعب في نفس الطفل شيئًا عجيبًا، ويؤثِّر في نفسه تأثيرًا قويًّا، فالأطفال - وهم براعم البراءة والصفاء - يحبُّون الفرح، بل هم أداة الفرح للكبار، ويحبون الابتسامة حين يشاهدونها على وُجُوه الكبار.

    وبالتالي فإن تحريك هذا المؤثِّر في نفس الطفل سيورث الانطلاق والحيوية في نفسه، كما يجعله على أُهْبَة الاستعداد لتلقِّي أي أمْر، أو مُلاحَظة، أو إرْشاد.

    وكان - صلى الله عليه وسلم - يُدْخل الفَرَح والسرور على نُفُوس الأطْفال؛ لما للسرور من بَراعة في إسعاد الطفل، ولما للفَرَح من قوَّة في التأثير
    [4].

    3- الإثابة بالمدْح والثناء:


    مدْح المربِّي للصغير وثناؤه عليه مِن أكثر الأُمُور التي تدخِل السرور على قلْبه، وتشعره بأهمية هذا العمل الذي مُدِح من أجْله، وتدفعه إلى تَكراره والاستكثار منه؛ وفي السنة النبوية ما يدلُّ على أهمية المدح والثناء، كوسيلةٍ من وسائل الإثابة والتشجيع على طَلَب العلم؛ من ذلك ما رُوي عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَن أسعد الناس بشفاعتك؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد ظننتُ ألاَّ يسألني أحدٌ عن هذا الحديث أول منك؛ لما علمتُ من حرصك على الحديث...))[5].

    فبهذا المدْح والثناء الرَّقيق يستثير الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أبي هريرة الرغبة والحرص على طَلَب الحديث، ويدفعه دائمًا لأن يكون سبَّاقًا في السؤال عنه.

    4- الإثابة بالمكافَأة المادية (الهدية):


    الهديَّة تُدخل السرور على النفوس، وتزيد أواصر المحبة بين المُهْدِي والمُهْدَى إليه، وهو ما أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((تهادوا تحابُّوا))
    [6].

    ومن ثَم؛ فإن منَ الوسائل التربوية المُفيدة تقديمَ الهدايا والمكافآت المادية للمجيدين والمتفوِّقين من الناشئة والمتعلِّمين؛ فإن ذلك يثير نشاط المتعلِّم، ويبعث فيه الحماس، ويفجر فيه ينابيع الطموح والتنافُس والعزيمة، ويحرك فيه الجد والاجتهاد، والإخلاص والاستقامة
    [7].

    ثانيًا: مِن وسائل العقاب:
    1- الحِرْمان منَ التشجيع:

    من وسائل العقاب التي أرشدت إليها السنة النبوية: الحِرْمان منَ التشجيع؛ حيث يعمد المربِّي إلى حرمان مَن يعاقبه مما كان قد عوَّده من تشجيع، أو مدح، أو ثناء، وما شابه ذلك؛ يدل لهذا من سنته - صلى الله عليه وسلم - ما ترويه أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في قصة الإفك من موقف الرسول - صلى الله عليه وسلم - منها حين مرضتْ، وأنه لم يكن يزيد على قوله: ((كيف تِيكُم؟))
    [8]، دون أن ترى منه - صلى الله عليه وسلم - ما كانت تراه من اللُّطْف الذي كانتْ تعرفه منه حين تمْرض.

    وبهذه الطريقة في المعامَلة يضع الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمام المربِّين وسيلة من وسائل العقاب التربوي، قد تكون من أجدى أنواع العقوبات التي يُمكن أن يعاقب بها الطفل، وأكثرها ملاءمة لنفسيته في المراحل الأولى من دراسته
    [9].

    2- اللَّوم والتوبيخ:


    لا بأس أن يلجأ المرَبِّي إلى توبيخ الناشئ أو المتعلم إذا ما أخطأ خطأ يستوجب العقاب، ويمكن الزجْر عنه بالتوبيخ.

    وقد استخدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أسلوب التوبيخ حيث دعت الحاجة إلى ذلك؛ حيث يُروى عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -: أنه عَيَّر رجلاً بسواد أمِّه، فوبَّخه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: ((إنك امرُؤٌ فيك جاهلية))
    [10].

    لكن ينبغي للمربِّي ألاَّ يُفْرط في استخدام التوبيخ؛ لأن ذلك قد يكون له تأثير سلبي على الناشئ، فلا بد أن يراعي المؤدِّب حال الصغار، والفروق بينهم في الطباع والأخلاق، فمنهم مَن يكفي في لومه وإشعاره بخطئه نظرةٌ قاسية، ومنهم من يرتجف فؤاده بالتلميح، ومنهم مَن لا يردعه إلا التصريح باللوم والتوبيخ، وعلى المربِّي أن يحدِّدَ الطريقة الملائمة للتوبيخ مع كل منهم.

    3- الهجْر والمقاطعة:

    وقد لجأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا الأسلوب في عقابه للثلاثة الذين خُلِّفوا في غزوة تبوك؛ حيث أَمَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحابته ألاَّ يكلِّموهم، فجرت المقاطعة بين المسلمين وبين هؤلاء الثلاثة؛ حتى ضاقت عليهم أنفسهم، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت[11]؛ قال تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 117 - 118].

    وهذا يدل على أن مؤدب الناشِئِين يحق له - بل يجب عليه أحيانًا - أن يَحرم المخطئين من مُعاشَرة زملائهم فترة من الزَّمَن؛ عقوبة وردعًا لهم، حتى يشعر بندمهم وتوبتهم ورجوعهم إلى الصواب، أو يأخذ عليهم العهْد بذلك، شريطة أن يعرفوا أخطاءهم، وسبب إنزال هذه العقوبة بهم، وأن يتوسَّم فيهم الاستفادة من هذه العقوبة
    [12].

    4- العقاب البدني:


    أقرَّت السنة النبوية العقاب البَدَني كوسيلة من وسائل مُعالجة الأخطاء، إذا توقَّف العلاج على ذلك؛ فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر))
    [13].

    لكن لا بد منَ الحَذَر من المبالغة في العقاب البدني؛ بل لا بد أن يقتصرَ المربِّي منه على أقلِّ ما يؤدِّي الغرض؛ ومن ثم ينبغي أن يراعي المربي عند إقدامه على العقاب البدني ما يلي:
    أولاً: الاكتفاء بإظهار أداة العقاب إن تم الزجْر بذلك؛ لأن كثيرًا من الصغار والأطفال يرتدعون وينزجرون بمجرَّد رؤيتهم للعصا أو السوط، ونحو ذلك من أدوات العقاب البَدَني، فإذا ارتدعوا وانزجروا، فقد حصل المقصود؛ فلا داعي إلى الإيقاع الفعلي للضَّرْب.

    وقد أرشدت السنة النبوية إلى مجرَّد إظهار أداة العقاب، وهو في حدِّ ذاته وسيلة من وسائل التأديب؛ حيث يروى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعًا: ((علِّقوا السوط حيث يراه أهل البيت؛ فإنه أدب لهم))
    [14].

    ثانيًا: الاقتصار على شدِّ الأذن ونحو ذلك، دون لجوء إلى الضرب، حيث كان ذلك مجديًا؛ لأن الصغير يتعرَّف بذلك على ألم المخالفة، وعذاب الفعل الشنيع الذي ارتكبه، واستحقَّ عليه شدَّ أذنه؛ فقد قال النووي في "الأذكار": روِّينا في كتاب ابن السني عن عبدالله بن بسر المازني الصحابي - رضي الله عنه - قال: بعثتني أمي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقِطْف من عنب، فأكلْتُ منه قبل أن أبلغه إياه، فلما جئت أخذ بأذني وقال: ((يا غُدَر))
    [15].

    ثالثًا: عند اللجوء إلى الضرْب ينبغي ألاَّ تقلَّ سنُّ المضروب عن عشر سنين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في أمر الصلاة: ((واضربوهم عليها وهم أبناء عشر))
    [16]، فإذا كانت الصلاة - وهي عماد الدين - لا يجوز الضرب عليها قبل سن العاشرة، فما عداها من الأمور أهون وأيسر؛ فلا يعاقب عليه الطفل بالضرب قبل العاشرة أيضًا.

    كما ينبغي أن يتراوح عدد الضربات بين واحدة وثلاث فقط؛ فقد كان عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - يكتب إلى الأمصار: "لا يَقْرِن المعلم فوق ثلاث؛ فإنها مخافة للغلام".

    وعن الضَّحَّاك قال: "ما ضرب المعلِّم غلامًا فوق ثلاث، فهو قصاص"
    [17].

    ولا بد من العدل في الضرْب بين الصبيان؛ فعن الحسن قال: "إذا لم يعدل المعلم بين الصبيان كُتِب من الظَّلَمة"
    [18].

    ولا بدَّ - أيضًا - أن تكونَ أداة الضرب أداة مناسبة لسنِّ الصغير؛ فلا يضرب بأداة تؤلِمه إيلامًا شديدًا، أو تُحدث له كسورًا، أو جروحًا، أو عاهاتٍ؛ لأن الغرضَ - أولاً وأخيرًا - من هذا الضرْب هو التأديب، وليس التشفِّي والانتقام.

    ويجتنب المربِّي عند الضرب الوجْه والرأس بما حوى، والمناطق الحسَّاسة من الجسم؛ لأن الضرب في هذه المواضع قد يؤدِّي إلى حدوث عاهات للصغير، وقد نَبَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك بقوله: ((إذا ضرب أحدكم فليتَّقِ الوجه))
    [19].

    ومِن حُسْن الأَدَب مع الله - عزَّ وجَلَّ - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -: أن يرفع المؤدِّب يده عن الصغير إذا ذكر اسم الله - تعالى - أو النبي - صلى الله عليه وسلم - كما هو عادة كثير من الصغار عند تعرُّضهم للعقاب؛ يدل لذلك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول: ((إذا ضرَب أحدكم خادِمه فذكَر الله، فارفعوا أيديكم))[20].

    وقد يقول قائل: إن الطفل إذا علم بهذا قد يتخذها وسيلة للتهرُّب من العقوبة، والعَوْد إلى الخطأ، أو يتخذها حيلة للتخلُّص من الضرب، ويعاود فِعْلَه.

    فالجواب عن ذلك: أنه يجب الاقتداء بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فيه من تعظيم الله - تعالى - في نفس الطفل، وهو كذلك علاج للضارب من أن حالته الغضبية كبيرة جدًّا؛ مما استدعى من الطفل ذكر الله تعالى والاستغاثة به.

    ولن نتكلم مع ضعاف الإيمان الذين إذا سمعوا مثل هذه الاستغاثات، ازدادوا حمقًا وتعسُّفًا وضرْبًا، فهؤلاء بحاجة أن يذكروا ذنوبهم، وتقصيرهم مع ربهم، وحِلم الله - تعالى - عليهم، مع قدرته عليهم في كل آنٍ
    [21].

    وهذا يقودنا إلى أمر مهم، وهو أنه يجب على المربِّي ألاَّ يُقْدمَ على عملية الضرب والتأديب وهو في حال غضب شديد؛ فقد كتب عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - إلى أحد عماله: "لا تعاقب رجلاً عند غضبك عليه؛ بل احبسه حتى يسكن غضبك، فإن سكن فأخرجه، فعاقبه على قدر ذنبه".

    هذه قاعدة تربوية يجب ألاَّ يحيد عنها المربُّون، ولا ينساها الآباء والأمهات: "لا تؤدِّب وأنت غضبان"؛ لأن الغضب يفقد صاحبه الحكمة والبصيرة والروِيَّة في الحكم، والأناة في بحْث الأمور بحثًا عقليًّا من جميع جوانبها، وحينئذ يأتي الخطأ، ويحدث الظُّلم، ويعيش صاحبه في حالة غضبية، لا يفرق بين الانتقام والتأديب، فالانتقام يصدر عن مبغض كاره، والتأديب يصدر عن قلب رحيم
    [22].

    5- التشهير:


    مع أن الإسلام يؤكِّد على أهمية ستْر العيوب، والستر على المسلمين وعدم التشهير بهم، فإنه في بعض الأحيان يوجد مَن يصرُّون على ارتكاب الأخطاء، ولا يرتدعون إلا بفضْح أمْرهم والتشهير بهم؛ فحينئذ يجوز ذلك؛ لأن الضرورة قد دعت إليه؛ وقد لَجَأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا الأسلوب من العقاب، فيما يروى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رجل: يا رسول الله، إن لي جارًا يؤذيني، فقال: ((انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق))، فانطلق فأخرج متاعه، فاجتمع الناس عليه فقالوا: ما شأنك؟ قال: لي جار يؤذيني، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق))، فجعلوا يقولون: "اللهم العنه، اللهم أخْزِه"، فبلغه فأتاه، فقال: ((ارجع إلى منزلك، فوالله لا أؤذيك))
    [23].

    وفي هذا دليل على أن النقد الاجتماعي اللاذع من أساليب التربية الاجتماعية في الإسلام؛ ولكن لا يُلجَأ إليه إلا عند الضرورة القصوى
    [24].

    ــــــــــــــــــــــــ
    [1] "أصول التربية الإسلامية، وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع"؛ عبدالرحمن النحلاوي، دار الفكر، دمشق، الطبعة الثالثة، 1425هـ - 2004م ص (230، 231).
    [2] المرجع السابق، ص (231 - 237).
    [3] "منهج التربية النبوية للطفل، مع نماذج تطبيقية من حياة السلف الصالح وأقوال العلماء العاملين"؛ محمد نور بن عبدالحفيظ سويد، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، الطبعة الأولى، 1419هـ - 1998م، ص (310، 311)، والحديث أخرجه البخاري (10/440)، كتاب الأدب، باب: رحمة الولد وتقبيله (5997)، ومسلم (4/1808 -1809) كتاب الفضائل، باب: رحمته - صلى الله عليه وسلم (65/2318).
    [4] "قبسات من التأديب التربوي عند المسلمين"، عطا الله بن قسيم الحايك، دار هجر للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1422هـ، 2001م، ص (238، 239).
    [5] أخرجه البخاري (1/233) كتاب العلم، باب: الحرص على الحديث (99، 6570)، وأحمد في "المسند" (2/373).
    [6] أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "نصب الراية" (4/121)، والدولابي في "الكنى" (1/143)، وأبو الشيخ في "الأمثال" (125)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (653)، كلهم من طريق المثنى أبي حاتم العطار عن عبيدالله بن العيزار عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تهادوا تحابُّوا، وهاجروا تورثوا أبناءكم مجدًا، وأقيلوا الكرام عثراتهم)).
    وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/149)، وقال: وفيه المثنى أبو حاتم ولم أجدْ من ترجمه، وبقية رجاله ثقات وفي بعضهم كلام.
    ومن هذا الوجْه ذكره السخاوي في "المقاصد الحسنة" ص (165)، وعزاه للطبراني في "الأوسط"، والحربي في "الهدايا"، والعسكري في "الأمثال".
    وللحديث شواهد من حديث أبي هريرة، وعبدالله بن عمرو، وعبدالله بن عمر، وعطاء مرسلاً.
    [7] "قبسات من التأديب التربوي عند المسلمين"، مرجع سابق ص (271).
    [8] أخرجه البخاري (5/601-604)، كتاب الشهادات، باب: تعديل النساء بعضهن بعضًا (2661)، ومسلم (4/2129 - 2138) كتاب التوبة، باب: في حديث الإفك وقبول توبة القاذف (56/2270).
    [9] مجلة المعرفة، وزارة المعارف السعودية، العدد (31)، شوال سنة 1418هـ، ص (12).
    [10] أخرجه البخاري (1/114) كتاب الإيمان، باب: المعاصي من أمر الجاهلية (30)، ومسلم (3/1282) كتاب الإيمان، باب: إطعام المملوك مما يأكل (1661).
    [11] وهو حديث كعب بن مالك: أخرجه البخاري (8/452 - 455) كتاب المغازي، باب: حديث كعب بن مالك، وقول الله - عز وجل -: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} (4418)، ومسلم (4/2120 - 2128) كتاب التوبة، باب: حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه (2769)، وأبو داود (1/670) كتاب الطلاق، باب: فيما عنى به الطلاق والنيات (2202)، والنسائي (2/53) كتاب المساجد، باب: الرخصة في الجلوس فيه والخروج منه بغير صلاة.
    [12] "أصول التربية الإسلامية وأساليبها"، مرجع سابق، ص (146).
    [13] أخرجه أبو داود (1/334) كتاب الصلاة، باب: متى يؤمر الغلام بالصلاة، حديث (495)، وأحمد (2/187)، والدارقطني (1/230) كتاب الصلاة، باب: الأمر بتعليم الصلوات والضرب عليها، حديث (2،3)، والحاكم (1/197)، وابن أبي شيبة (1/347)، والدولابي في "الكنى" (1/159)، والعقيلي في "الضعفاء" (2/167 - 168)، وأبو نعيم في "الحلية" (10/26)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (2/278) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص.
    [14] أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4382)، و"الكبير" (10/345) رقم (10673)، من طريق سلام بن سليمان قال: نا عيسى بن علي وعبدالصمد بن علي، عن أبيهما علي بن عبدالله بن عباس عن ابن عباس به.
    وأخرجه عبدالرزاق (9/447) رقم (17963)، والطبراني في "الكبير" (10/345) رقم (10670)، من طريق داود بن علي بن عبدالله بن عباس عن أبيه عن جده به.
    [15] "منهج التربية النبوية"، مرجع سابق، ص (192)، الأذكار، للنووي، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1399هـ - 1979م، ص (256)، والحديث أخرجه ابن عدي في "الكامل" (2/213، 214) في ترجمة الحكم بن الوليد الوحاظي، وقال: والحكم بن الوليد هذا ليس له رواية إلا اليسير، وروى عنه يحيى الوحاظي؛ فهذا الحديث لا أعرفه إلا عنه عن عبدالله بن بسر، وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/349) في ترجمة الحكم بن الوليد: أورد له ابن عدي حديثًا استنكره.
    [16] تقدم تخريجه.
    [17] أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "العيال" (1/532).
    [18] "منهج التربية النبوية"، مرجع سابق، ص (195).
    [19] أخرجه البخاري (5/215) كتاب العتق، باب: إذا ضرب العبد فليجتنب الوجه، رقم (2559) بلفظ: ((إذا قاتل))، ومسلم (4/2016) كتاب البر والصلة والآداب، باب: النَّهي عن ضرْب الوَجْه، رقم (112/2612) بنحوه، وأبو داود (2/574) كتاب الحدود، باب: في ضرب الوجه في الحد، رقم (4493)، والنسائي في "الكبرى" (4/325) كتاب الرجم، باب: الأمر باجتناب الوجه في الضرْب، رقم (7350)، وأحمد (2/244، 251).
    [20] أخرجه الترمذي (4/297) كتاب البر والصلة، باب: في أدب الخادم (1950)، وابن حجر في "المطالب العالية" (3/257) باب: عظم ذكر الله (3423)، وفي إسناده أبو هارون العبدي، واسمه عمارة بن جوين، قال الذهبي في "الميزان": كذّبه حماد بن سلمة، وقال أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين: ضعيف لا يصدق في حديثه، وقال الحافظ في "التقريب": متروك، ومنهم من كذبه، شيعي.
    انظر: "الميزان" (3/173)، "التقريب" (2/49).
    [21] "منهج التربية النبوية"، مرجع سابق، ص (201).
    [22] "قبسات من التأديب التربوي"، مرجع سابق ص (105).
    [23] أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (124)، وأبو داود (2/760)، كتاب الأدب باب في حق الجوار (5153)، وصححه الشيخ الألباني كما في "الأدب المفرد" ص (71).
    [24] "أصول التربية الإسلامية وأساليبها"، مرجع سابق ص (145).

    شكرا لكاتب المقالة محمد بن سالم بن علي جابر وجعلها الله في ميزان حسناته



     
  2. #2
    الإدارة
    صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute الصورة الرمزية صناع الحياة
    تاريخ التسجيل
    09 / 06 / 2005
    الدولة
    مصر
    العمر
    50
    المشاركات
    21,349
    معدل تقييم المستوى
    26540

    افتراضي رد: التربية عن طريق أسلوب الثواب والعقاب

    جزاك الله خيرا أخى الفاضل أبو مالك على طرحك الرائع
    مع الشكر والتقدير

     
  3. #3
    الإدارة
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    50
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7051

    افتراضي رد: التربية عن طريق أسلوب الثواب والعقاب

    الشكر موصول لك أخ صناع الحياة على تواصل الدائم



     
  4. #4
    مودة ممتاز
    تيناوي is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    04 / 01 / 2009
    الدولة
    مجهولة
    المشاركات
    317
    معدل تقييم المستوى
    498

    افتراضي رد: التربية عن طريق أسلوب الثواب والعقاب

    جزاك الله خيرا

     
  5. #5
    الإدارة
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    50
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7051

    افتراضي رد: التربية عن طريق أسلوب الثواب والعقاب

    شكرا لمرورك على مشاركتي تيناوي

     

 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 608 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 619 620 621 622 623 624 625 626 627 628 629 630 631 632 633 634 635 636 637 638 639 640 641 642 643 644 645 646 647 648 649 650 651 652 653 654 655 656 657 658 659 660 661 662 663 664 665 666 667 668 669 670 671 672 673 674 675 676 677 678 679 680 681 682 683 684 685 686 687 688 689 690 691 692 693 694 695 696 697 698 699 700 701 702 703 704 705 706 707 708 709 710 711 712 713 714 715 716 717 718 719 720 721 722 723 724 725 726 727 728 729 730 731 732 733 734 735 736 737 738 739 740 741 742 743 744 745 746 747 748 749 750 751 752 753 754 755 756 757 758 759 760 761 762 763 764 765 766 767 768 769 770 771 772 773 774 775 776 777 778 779 780 781 782 783 784 785 786 787 788 789 790 791 792 793 794 795 796 797 798 799 800 801 802 803 804 805 806 807 808 809 810 811 812 813 814 815 816 817 818 819 820 821 822 823 824 825 826 827 828 829 830 831 832 833 834 835 836 837 838 839 840 841 842 843 844 845 846 847 848 849 850 851 852 853 854 855 856 857 858 859 860 861 862 863 864 865 866 867 868 869 870 871 872 873 874 875 876 877 878 879 880 881 882 883 884 885