الليلة الخامسة من ليالي ألف ليلة وليلة
(رسالة عتاب)
أقبلت شهرزاد في نفس الميعاد وقد اتحذ شهريار مجلس الملك فسلمت عليه وقبلت الأرض بين يديه وجلست قريباً من قدميه ثم أخذت تقص عليه :
بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد والعمر المديد،
قد انتهينا أمس يا مولاي حينما هاجم العدو الغاشم أطراف ديار بني المهاب وأعلن سلطانهم حالة الحرب والقتال بالسيف والنشاب ( وكان في مقدمة الصفوف الأمير فخر الدين) بعزمه الذي لا يلين وكانت تلك هي المرة الأولى له في ساحة الوغى والنضال وانتهت الحرب بإعلان الهدنة لحين إتمام العدة لجولة أخرى ورجع فخر الدين بقلب يملؤه الشوق والحنين لمحبوبته ست الحسن الأميرة الجميلة الوضيئة البدينة ( إنه الآن يا مولاي يمتطي صهوة جواده يركله ركلاً شديداً يطوف الفيافي والقفار غير عابئ بالأهوال والأخطار ليحظى بنظرة من ست الحسن والجمال تنسيه هذا المرار ) ما إن يصل إلى قصر الأميرة يجدها تغط في نوم عميق وقد انتصف النهار وما على وجه الأرض أحد إلا في حركة ودوار ويقف طويلاً أمام شرفة القصر لتطل الأميرة بوجه كالبدر ليلة التمام وجمال آخذ فتان ينظر إليها وتنظر إليه ولكن لا يشعر بحرارة الشوق إليها وكأنها كانت معه من ساعات وليس من أيام وليالي خاليات وهو الذي ود أن يطير في الهواء ليسعد بالنظر إليها والجلوس بين يديها والذوبان في معين عينها، يحس بالجفاء ومحاولة الابتعاد ويحز ذلك في نفسه، ولكنه لا يبديه إليها ويتماسك بين يديها .
يتساءل من تكون ست الحسن ؟ تلك الأميرة البدينه وهو الأمير فخر الدين الهمام المهاب الذي ابتكر في فنون الحرب الكثير والكثير بما يفوق الوصف والتمثيل ، ثم يعود مسرعا لرشده لا يساوره شك في مدى حبها إليه ، فهي من اجله باعت الغالي والنفيس، وهي طيبة القلب متسرعة بعض الشيء متقلبة المزاج ككل النساء .
وفي تلك اللحظات يطرق الباب طرقا شديدا لينتبه الأمير مسرعاً مهرولا ليرى عند الباب عجبا عجاب وعندئذ يدرك شهريار الصباح فسكتت شهرزاد عن الكلام المباح.
مواقع النشر (المفضلة)