ومنذ اليوم الأول لاندلاع الحرب التي تلت هجوما غير مسبوق لحماس على أراض إسرائيلية، أعلن حزب الله الداعم للفصيل الفلسطيني، أنه يقف إلى جانب حماس. وتبنى سلسلة عمليات انطلاقا من جنوب لبنان ضد إسرائيل التي تردّ بقصف بلدات وقرى حدودية لبنانية.

وعشية هذه الكلمة، شهدت الحدود بين إسرائيل لبنان تصعيدا ملحوظا مع إعلان حزب الله قصف 19 موقعا إسرائيلا "في وقت واحد" ورد إسرائيلي بـ"قصف واسع النطاق".

وقد نعى حزب الله أربعة من مقاتليه الخميس.

ويلقي نصر الله خطابه الذي سينقل عبر شاشات التلفزة، في احتفال مركزي يقيمه حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت عند الثالثة بعد الظهر (13,00 ت غ)، تكريماً لعناصره الذين قتلوا جراء القصف الإسرائيلي.

ومنذ بدء التصعيد، قتل 70 شخصاً في لبنان، بينهم 52 مقاتلاً من الحزب وفق حصيلة جمعتها وكالة فرانس برس. وأعلنت إسرائيل من جهتها مقتل ثمانية عسكريين ومدني واحد.

وبينما يرى محللون أن لا مصلحة للحزب بالانخراط في حرب ستدمّر لبنان لا محالة، وفق التهديدات الإسرائيلية، يعتبر آخرون أن القرار بيَد إيران التي تقود "محور المقاومة" في المنطقة ضد إسرائيل والذي يضم إلى جانب حزب الله، مجموعات مسلحة في سوريا والعراق واليمن.

وقال حزب الله في بيانات متلاحقة إنه استهدف عشرات أجهزة المراقبة والمواقع العسكرية والآليات التابعة للجيش الإسرائيلي والتي يمكن رصدها عبر الحدود، مستخدماً صواريخ "موجهة" تصيب أهدافها وأسلحة "مناسبة". واستهدف منذ الأحد مرتين مسيرتين إسرائيليتين بصواريخ أرض جو.

وتردّ إسرائيل بدورها بقصف على طول الشريط الحدودي تقول إنه يستهدف بنى تابعة لحزب الله. ولا تفارق طائرات الاستطلاع الإسرائيلية أجواء الجنوب.

منذ الحرب المدمرة التي خاضاها في تموز/يوليو 2006، امتنع حزب الله وإسرائيل عن الدخول في مواجهة شاملة.

بموازاة ذلك، عمل حزب الله الذي تمدّه طهران بالمال والسلاح والعتاد، على تطوير ترسانة السلاح الضخمة التي يملكها وتتضمّن صواريخ دقيقة هدّد مراراً أن بإمكانها أن تطال عمق إسرائيل.

"خط أحمر"
وعلى وقع التصعيد في غزة، شاركت مجموعات عدة أبرزها حركتا حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتان إلى جانب حزب الله في إطلاق صواريخ من جنوب لبنان. وتنضوي الأطراف الثلاثة مع فيلق "القدس" الإيراني في غرفة عمليات مشتركة تنسّق عبرها تحركاتها.

وأكّد الحزب ومسؤولون من إيران الداعمة له ولحماس مراراً أن "الإصبع على الزناد" لدى مجموعات "محور المقاومة"، وأن عدم وقف "العدوان الإسرائيلي" على قطاع غزة يمكن أن يفجّر المنطقة.

وترى الأستاذة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون حزب الله أمل سعد أن هناك عوامل عدة قد تدفع حزب الله وحلفاءه إلى حسم قرارهم بدخول الحرب، قد يفصح نصر الله عنها في كلمته. لكن ثمة عاملين رئيسيين يحددان مسار الأمور، أحدهما أن حزب الله لن يسمح "بمحاولة إسرائيل.. اجتثاث قادة حماس أو القضاء على حماس في قطاع غزة".

كما أنه لن يسمح كذلك، بحسب رأيها، بأي محاولة "تطهير عرقي للفلسطينيين في غزة، لنقلهم إلى سيناء أو مناطق أخرى، فهذا خط أحمر لحزب الله الذي لن يسمح بنكبة جديدة" مشابهة لنكبة 1948.

وشنّت حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر هجومًا غير مسبوق في تاريخ إسرائيل تسلّلت خلاله إلى مناطق إسرائيلية، وتسبب بمقتل قرابة 1400 شخص معظمهم مدنيون، وفق السلطات الإسرائيلية.

وتردّ إسرائيل مذاك بقصف مدمر على قطاع غزة حيث قُتل أكثر من تسعة آلاف شخص، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

"ضربة قاضية"
وجاء في رسالة نشرها إعلام الحزب الأربعاء وموقعة من "مجاهدي المقاومة الإسلامية" توجهت إلى الفصائل الفلسطينية المقاتلة في قطاع غزة، "يدنا معكم على الزناد.. نصرة لأقصانا ولأهلنا المستضعفين في فلسطين الحبيبة".

لكن رغم التصعيد في اللهجة، يرى الباحث في مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط مايكل يونغ أن كل طرف يقيس "أفعاله وردود أفعاله على نحو حذر، لتفادي الانزلاق إلى وضع قد يخرج في أي لحظة عن السيطرة ويمتدّ ليشمل المنطقة".

ويرى يونغ، وفق مقال نشره الأسبوع الماضي، أنه إذا قرر حزب الله، "وكيل طهران الأكثر فعاليةً"، الدخول في الحرب، فمن شأن "الدمار الذي سيلحق بلبنان أن يؤلّب معظم الطوائف" ضد الحزب، بما في ذلك الطائفة الشيعية التي ينتمي إليها.

في الشارع، وفي الوسط السياسي، وعبر منصات التواصل الاجتماعي والإعلام، ينتقد البعض أداء حزب الله وعجز الدولة الغارقة في شلل تام، وسط شغور في رئاسة الجمهورية منذ سنة. ويعبرون عن مخاوف من جرّ لبنان إلى حرب قرارها محصور في يد حزب الله، القوة السياسية النافذة والقوة العسكرية الوحيدة غير النظامية. ولو أن للحزب حاضنة شعبية لا بأس بها.

ويقول عاهد ماضي (43 عاماً) من بلدة شبعا الحدودية لوكالة فرانس برس "ننتظر خطاب سماحة السيد على أحرّ من الجمر، وكل التمني أن يعلن الحرب على العدو الإسرائيلي ومن معه من دول غربية بانت على حقيقتها".

في المقابل، يقول ربيع عواد (41 عاماً) من بلدة راشيا الفخار الحدودية إنّ أي حرب مع إسرائيل "ستشكل ضربة قاضية للبنان".

ويضيف "أرفض كل ما يتعرض له الفلسطينيون من حرب إبادة وتجويع في غزة، لكن قرار الحرب يجب أن يكون بيَد الدولة اللبنانية فقط، لا بيَد حزب من هنا أو ميليشيا من هناك". ويتابع "من حق لبنان أن يعيش بسلام".