هتفت بيَ الأشواق بالأحزان نُقشت على صدري و في أجفاني
هتفت فقالت:ما لِلَيْلِك أَلْيَلٌ لا نجمة تهدي بذي الأكوان
ما بال نسمك لا يداعب زهرة ذبلت بفعل قساوة الحرمان
ما بال صوتك لا يغرد فرحة هل فيه لوثة صمتك الحيران؟
فأجبتها و أنا أصَعِّد زفرتي و ألملم البسمات من أحزاني
يا لوعتي خل الضماد على الأسى لا تنبشي جرحي فقد أرداني
لا تنبشي دمعي فإنه هاطل لا تنبشي همي و لا أشجاني
لا تنبشي شعري فإنه صرخة مذعورة من هولها أوزاني
الدرب من حولي ضباب موحش لكأنه لُبْسٌ غدا أكفاني
و اللون من حولي سواد قاتم لكأنه قبر طوى جثماني
ناري لها بين الضلوع تأجج لكأن قلبي جذوة النيران
جرحي له أسطورة محبوكة بخيوط قهر في جذور زماني
جرحي جراح المسلمين بليلهم بذلهم و ببؤسهم و هواني
أنا أمة كانت سراجا للورى نورا بهدي كتابها الرباني
أنا أمة كانت ندى و سحابة تسقي البطاح بسنة العدنان
فجرا لتاريخ بهيم حالك ساسته شِرْعة غابة الحيوان
كانت كواكب للهداية في السما و معالما تهدي بني الإنسان
و من الغياهب أخرجتهم للهدى و استنقذتهم من ردى الشيطان
كانت شعاعا للمعارف في الدنا زرعت بذور العلم في البلدان
فتحت ربوع الشرق منه و مغرب باسم الإله الواحد الديّان
دعت العباد إلى عبادة ربهم و محت ضلال الكفر و الأوثان
و اليوم نجمي في سمائي قد أفلْ طُويت حضارة عزّةٍ و أمان
صفحات تاريخ مجيد مشرق طُمست بظلمة هادم العرفان
أنا أمة الجهل البسيط بُعيدما سطعت شموس العلم في الأكوان
أنا أمة المليار حين أعدُّهم لكنهم زبد غثاء فان
أنا أمة الفقر المرير و ثروتي كنز وفير غاليَ الأثمان
عبثت به أيدي العدى فاستنفذوا خيرات أرضي من ربى و جناني
و تجمعوا و تآمروا كذئا ب غاب حول شاة في شفا القطعان
و عيالي في بؤس مرير و مدقع و أكفهم في رحمة الصُلبان
أنا أمة الأرزاء و النكبات و ال أدواء و الأزمات و الخسران
أنا أمة كانت فوانيس الدجى ما بالني في آخر الركبان؟
أنا أمة عصفت بها فتن الردى في كل شبر من ثرى الأوطان
أشلاء قتلى.. آهة ..و صراخ جر حى.. و الدماء رخيصة الأثمان
مستوطنات اللاجئين على العرا و مخيمات الفقر و الحرمان
كم يستغيث بيَ الجياع فلا أجد طُعما أكف به بُكا الجوعان
كم يستغيث بيَ الضعاف لنصرهم أين السلاح و نخوة الفرسان؟
أنا أمة جال الفساد بأرضها و الحق مسجون ورا القضبان
أنا أمة أضحى يمزق شملها قهر العداء و فرقة الإخوان
هذا أنين .. بل صراخ .. من يتا مى.. بل ثكالى من صدى النسيان
فمتى يعود إلى رياضي زهوُه و متى يغرد بلبل ألحاني؟
مواقع النشر (المفضلة)