بسم الله الرحمن الرحيم
أهداف في عقول صغيرة
فاطمة عبدالمقصود
كثيرًا ما نسألُ أطفالَنا: ماذا تتمنى أن تصبح عندما تكبر؟ مجرد سؤال اعتدناه، فإذا كبِر الطفلُ نسي السؤالَ، ونسي الإجابةَ، ووجد واقعَه يفرضُ عليه دراسةً مختلفةً ثم عملاً في مجال قد لا يحبه أو لا يرضاه لنفسه..
لكننا لو عدنا من جديد للطفل، نجد أن السؤالَ مهم ومفيد، فهو يضعُه على بداية الطريق للهدف البعيد، ولكن ينقصُه شيء آخر هام؛ إنَّ علينا أن نسألَ أطفالَنا أيضًا: لماذا تتمنى أن تُصبحَ هكذا؟ فإذا لم يكن واضحًا لديه إجابة السؤال، وكان الاختيارُ مثلا مجردَ تقليد لمن يحب، فهنا نرسُم له الملامحَ، ونوضحُ نحن له السببَ، فيفهم مثلا أن الطبيبَ صاحبُ رسالة، وأن المحامي قضيته نصرة الحق، وأن المدرس يبني أمةً، وأن العالم ينفع أمته ويعلي قدرها... وهكذا في كل مجال، حتى ينمو مع الطفل هذا الفهمُ الراقي.. يتفهم أن لكل مهنة رسالتَها الإصلاحية وأخلاقها العالية، وليست للشهرة أو للمال فحسب..
ولا يتعلم الطفل ذاك فقط، بل يتعلم قيمة هذا العمل أو الهدف الذي يختاره، فيزداد تعلقُ قلبه وعقله به، فيعيش له وبه، ويضع الخطوات للوصول إليه، فلا يأتي عليه يوم بعد ذلك يكون فيه متحيرًا أي طريق يسلك وأي وجهة يختار، أي الدراسات يدرس، وعن أي عمل يجب أن يبحث، لا.. فإن هدفه ماثلٌ أمام عينيه، ورسالته واضحة معالمها في عقله، ومتى ما عاش لهدفه النبيل فلن يكون من السهل عليه أن ينحرف أو يسقط أو يضيع؛ لأنه تعلم منذ صغره، وفهم ماذا يريد وما هو مبتغاه من حياته ومن عمله ومن هدفه، فلا تصرفه الأهواءُ أو تعبث به عصابة السوء...
على تلك المعاني يجب أن نحرص على تنشئة أبنائنا، لتشب أجيال تعرف قيمة نفسها ومبتغى وجودها، فلا تصير غثاء أو هملا أو رمادًا تذروه الرياح...
مواقع النشر (المفضلة)